فصل: مسألة أكل في رمضان ناسيا:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: البيان والتحصيل والشرح والتوجيه والتعليل لمسائل المستخرجة



.مسألة أكل الطعام في المسجد للمعتكف:

ومن كتاب أوله اغتسل عن غير نية:
وسألته: عن الرجل في رمضان يكون في المسجد ويكون بمنزله نائما، فيأتيه الطعام من أهله فيأكله في المسجد، وقال: أرجو أن يكون خفيفا؛ وقال: لا أحب لأحد أن يتسوك في المسجد من أجل ما يخرج من فيه من السواك، فيلقيه في المسجد، ولا أحب لأحد أن يتمضمض في المسجد.
قال محمد بن رشد: معنى ما استخف من أكل الطعام في المسجد، هو في الطعام الجاف، وأما الألوان، فقد كره في غير ما موضع أن يؤتى بها إلى المساجد فتؤكل بها، من ذلك ما وقع في رسم سلعة سماها من سماع ابن القاسم من كتاب الصلاة وغيره، وأما التمضمض في المسجد وإلقاء ما يخرج من فيه من السواك فيه، فمكروهه بين، مذكور في كتاب الصلاة وغيره.

.مسألة أكل في رمضان ناسيا:

قال: إني لأستحب أن يقضي من أكل ناسيا في تطوع، وما أراه عليه بواجب، مثل من أكل في رمضان، وإني لأستحب ذلك.
قال محمد بن رشد: وهذا كما قال، إن ذلك مستحب وليس بواجب؛ لأن من أهل العلم من يجيز الفطر في صيام التطوع- عامدا، ومنهم من يكرهه ولا يرى عليه قضاء- إن فعله- وهو مذهب الشافعي، ومنهم من لا يوجب القضاء على من أكل في رمضان ناسيا، لحديث أبي هريرة: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «من أكل أو شرب في صومه ناسيا، فليتم صومه، فإن الله أطعمه وسقاه» وهو مذهب الشافعي، وأبي حنيفة، وجماعة من أهل العلم سواهما. وروي عن أبي حنيفة أنه قال: لولا قول الناس، لقلت: إنه يقضي، يريد: لولا طعن الناس لمخالفة الحديث، والله أعلم. وقد راعى ابن القاسم هذا القول في الذي يحلف بالطلاق، أو غيره، أن يصوم غدا فيصبح صائما، ثم يأكل ناسيا، فقال: إنه لا حنث عليه في رسم سلف من سماع عيسى من هذا الكتاب، ومن كتاب الأيمان بالطلاق، وفي سماع أبي زيد من كتاب الأيمان بالطلاق، وبالله التوفيق.

.مسألة لم يأتهم خبر هلال الفطر إلا بعدما زالت الشمس:

وقال، فيمن لم يأتهم خبر هلال الفطر، إلا بعدما زالت الشمس: فلا أرى عليهم صلاة من الغدوة لا يخرجون إلى المصلى، وليس عليهم ذلك. وأنكر الخروج في غير يوم الفطر إنكارا شديدا، وقال: من أخطأ يوم الجمعة، أيجعله يوم السبت؟ استنكارا للخروج في غير يوم الفطر.
قال محمد بن رشد: قد روي أن الهلال خفي على الناس في آخر ليلة من شهر رمضان في زمن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأصبحوا صياما، فشهد عند النبي- عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- بعد زوال الشمس أنهم رأوا الهلال الليلة الماضية، فأمر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالفطر، فأفطروا تلك الساعة، وخرج بهم من الغد، فصلى بهم صلاة العيد، وذهب إلى هذا قوم، منهم: أبو يوسف. وأكثر رواة الحديث لا يذكرون فيه الصلاة، وإنما قالوا: أمرهم أن يفطروا من يومهم، ثم ليخرجوا لعيدهم من الغد، أو إلى مصلاهم من الغد، فإن صح الحديث فيحتمل أن يكون أمرهم بالخروج، لترى كثرتهم، فيتناهى ذلك إلى عدوهم، فيعظم أمرهم عندهم لا للصلاة؛ ولم يصح عند مالك الحديث، ولا رأى الخروج، ولا الصلاة. وحجته على ذلك بالجمعة حجة صحيحة؛ لأنها لما كانت كالجمعة في أنه لا تقضى بعد خروج وقتها في ذلك النهار، وجب أن يكون مثلها في أنها لا تقضى في يوم آخر.

.مسألة المسافر في البحر يريد أن يفطر:

ومن كتاب أوله باع غلاما:
وسئل مالك: عن المسافر في البحر يريد أن يفطر؟ قال مالك: ذلك له.
قال محمد بن رشد: وهذا كما قال: إن المسافر في البحر والبر سواء في جواز الفطر، ووجوب القصر؛ لقوله عز وجل: {هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} [يونس: 22]، وهذا ما لا اختلاف فيه أحفظه.

.مسألة نذرت أن تصوم بنية شهر فاشتد عليها الحر وهي ترضع:

ومن كتاب صلى نهارا ثلاث ركعات:
وسئل مالك: عن المرأة نذرت أن تصوم بنية شهر، فاشتد عليها الحر وهي ترضع، قال: تفطر وتطعم وتصوم بعد ذلك.
قال محمد بن رشد: وهذا كما قال: أنها تفطر وتطعم؛ لأن حكم نذر الصيام المعين في الوجوب، كحكم صوم شهر رمضان، إلا في وجوب الكفارة على من أفطر فيه متعمدا. وقد روي عن مالك: أن عليها القضاء، ولا إطعام عليها؛ ومن أهل العلم من يرى عليها الإطعام دون القضاء. قال بذلك من رأى قوله: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة: 184]... الآية- محكمة في الموضع، والحامل، والشيخ. ولها على المشهور من مذهب مالك في الفطر ثلاثة أحوال: حال لا يجوز لها فيها الفطر والإطعام، وهي إذا قدرت على الصيام ولم يجهدها الإرضاع. وحال يجوز لها فيها الفطر والإطعام، وهي إذا أجهدها الإرضاع ولم تخف على ولدها، إما بأنه يبقى لها من اللبن إن لم تفطر ما ترمقه به، وإما لأنها تقدر على أن تستأجر له من ترضعه من ماله، أو من مال الأب، أو مالها، إذا كان يقبل غيرها. وحال يجب عليها الفطر والإطعام، وهي إذا خافت على ولدها، إما بأنه لا يقبل غيرها، وإما بأنها لا تقدر على أن تسترضع له بحال؛ فهي قوله اشتد عليها الحر أي: اشتد عليها فأجهدها بسبب الإرضاع، ولو لم يجهدها الإرضاع فأفطرت، لكانت بمنزلة غير المرضع، تكفر إن كانت في رمضان كفارة المتعمد، وتقضي، وإن كانت في نذر أيام بأعيانها أتمت وقضت، ولم يجب عليها كفارة ولا إطعام.

.مسألة عليه نذر صيام هل له أن يتطوع قبل الفراغ منه:

قال سحنون: قال ابن القاسم: وسئل مالك: عن رجل عليه نذر صيام، هل له أن يتطوع قبل الفراغ منه؟ قال: لا.
قال محمد بن رشد: وهذا كما قال؛ لأن النذر المبهم يتخرج على قولين: أحدهما: أنه على الفور، والثاني: أنه على التراخي؛ فأما على القول بأنه على الفور، فلا يجوز له أن يتطوع بالصيام قبله؛ لأن ذلك اليوم مستحق عليه صومه في النذر، إلا أن يكون يوما مرغبا في صيامه، كيوم عاشوراء، وشبهه، فيخرج جواز صومه قبل النذر، على ما روي من أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صلى إذ نام عن صلاة الصبح في الوادي حتى طلعت الشمس ركعتي الفجر قبل صلاة الصبح». وأما على القول بأنه على التراخي كقضاء رمضان الذي قد وسع فيه إلى شعبان، فلا ينبغي له أن يتطوع بالصيام قبله، لوجهين: أحدهما: أن صيام التطوع لا يفوته، فهو إن بدأ به فاته فضل بتعجيل النذر. والثاني: مخافة أن يموت قبل أن يقضي النذر، فلا يتقبل منه التطوع، على ما جاء عن أبي بكر الصديق رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنه قال: لا تقبل من أحد نافلة- وعليه فريضة- حتى يؤديها؛ إلا أن يكون يوم مرغب في صيامه، كيوم عاشوراء. فالاختيار على قياس هذا القول: أن يصومه تطوعا قبل النذر؛ لأنه إن صامه للنذر، فاته فضل اليوم. وقيل: إن الاختيار أن يصومه للنذر؛ لأنه إن صامه تطوعا، فاته فضل تعجيل النذر، ولم يأمن أن يموت قبل أن يصوم النذر، فلا يتقبل منه الطوع على ما جاء عن أبي بكر الصديق رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وعلى هذا الاختلاف يأتي اختلافهم في: هل يصوم يوم عاشوراء من عليه صيام قضاء رمضان؟ على ما يأتي في رسم المحرم بعد هذا.

.مسألة الرجل يعتكف فيمرض أبوه أو أمه هل يخرج:

وسئل مالك: عن الرجل يعتكف فيمرض أبوه أو أمه، هل يخرج؟ قال: نعم، يخرج إليهما ويبتدئ اعتكافه، ورواها في كتاب إن خرجت.
قال محمد بن رشد: وهذا كما قال؛ لأن الخروج إليهما من برهما، وبرهما فرض بنص القرآن، فهو آكد عليه مما دخل فيه من الاعتكاف، لأن الاعتكاف يقضيه، وما فاته من بر أبويه لا يستدركه ولا يقضيه؛ وذلك بخلاف الخروج إلى جنازتهما، لا يخرج من اعتكافه إلى جنازتهما- قاله مالك في موطئه، إذ ليس في ترك شهود جنازتهما عقوق لهما.

.مسألة صيام الأيام الغر:

ومن كتاب مساجد القبائل:
مسألة وسئل مالك: عن صيام الغر الثلاثة الأيام: ثلاثة عشر، وأربعة عشر، وخمسة عشر، قال: ليس هذا ببلدنا، وإني أكره أن يتعمد صيامها، قال: والأيام كلها لله.
قال محمد بن رشد: قد روي فيها وفي الأيام البيض: أول يوم من الشهر، ويوم عشرة، ويوم عشرين- أنها صيام الدهر. وقد روي عن مالك: أنه كان يصوم الأيام البيض. وقد كتب إلى هارون الرشيد في رسالته، يحضه على صيام الأيام الغر- ويذكر الحديث فيها؛ فإنما كره في هذه الرواية صيامها، ولم يحض عليها مخافة أن يكثر العمل بذلك؛ لكثرة إسراع الناس إلى الأخذ بقوله، فيحسب ذلك من لا علم له من الواجبات.

.مسألة يعتكف في قريته في مسجد لا يجمع فيه وهو ينتاب الفسطاط:

ومن كتاب مرض وله أم ولد فحاضت:
وقال فيمن كان منزله على أميال- وحضر شهر رمضان، فأراد أن يعتكف في قريته في مسجد لا يجمع فيه، وهو ينتاب الفسطاط يصلي فيه الجمعة؛ قال مالك: يعتكف في قريته، أحب إلي من صلاته الجمعة بالفسطاط.
قال محمد بن رشد: رأى الاعتكاف له أفضل من صلاة الجمعة بالفسطاط، لما كان ممن لا يجب عليه الإتيان إلى الجمعة لبعد منزله من الفسطاط، وهذا على مذهبه في أن الاعتكاف لا يختص بالمسجد الذي تجمع فيها الصلوات، لعموم قوله عز وجل: {وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ} [البقرة: 187]... الآية. فإذا كان ممن لا يلزمه الإتيان إلى الجمعة، أو ممن لا تجب عليه الجمعة، أو كان اعتكافه أياما يسيرة لا تدركه فيها الجمعة، جاز له أن يعتكف في غير المسجد الذي تجمع فيه الجمعة، فإن مرض في تلك الأيام ثم صح فغشيته الجمعة قبل أن يفرغ من اعتكافه، خرج إلى الجمعة- ولم ينتقض اعتكافه- قاله ابن الماجشون، ورواه ابن الجهم عن مالك؛ قيل: لأنه دخل بما يجوز له، بخلاف ما لو دخل لاعتكاف أيام تأخذه فيها الجمعة، هذا يخرج إلى الجمعة ويبتدئ اعتكافه، قاله ابن الماجشون أيضا. قيل: لأنه دخل بما لا يجوز له، وقد قيل: إن ذلك اختلاف من القول؛ ولا فرق بين أن يدخل بما يجوز له، أو بما لا يجوز له؛ وأما الاعتكاف في مساجد البيوت، فلا يصح عند مالك لرجل ولا امرأة، خلاف قول أبي حنيفة في أن المرأة تعتكف في مسجد بيتها، وبالله التوفيق.

.مسألة المعتكفة إذا طلقت أو مات عنها زوجها:

وسئل: عن المعتكفة إذا طلقت أو مات عنها زوجها، أترى أن تخرج؟ قال: لا تخرج بعدما دخلت الاعتكاف، لا من وفاة، ولا من طلاق؛ وكذلك المرأة المحرمة.
قال محمد بن رشد: يريد بقوله: وكذلك المرأة المحرمة، أن المحرمة إذا طلقت أو مات عنها زوجها في الطريق، تنفذ لوجهها ولا ترجع إلى بيتها، لتعتد فيه؛ والمسألتان في المدونة، الأولى في كتاب الاعتكاف، والثانية في كتاب طلاق السنة؛ والوجه في ذلك أنها قد دخلت في عمل بر لزمها إتمامه، فلم يجز لها إبطاله؛ لقوله عز وجل: {وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: 33]، ولقوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: 196]، وهذا ما لا اختلاف فيه، كما أنه إذا سبق الطلاق أو الموت- الاعتكاف والإحرام، لم يصح لها أن تحرم، ولا أن تعتكف، حتى تنقضي العدة؛ لأنها قد لزمتها، فليس لها أن تنقضها، وبالله التوفيق.

.مسألة الصيام قبل الاستسقاء:

ومن كتاب نذر سنة:
وسئل مالك: عن الصيام قبل الاستسقاء أمما يعمل به؟ قال: ما سمعت إنكارا على من عمله.
قال محمد بن رشد: الصيام قبل الاستسقاء مما لم يأت به أثر عن النبي- عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ-، ولا عن الخلفاء الراشدين المهديين بعده، وإنما هو أمر أحدثه بعض الأمراء، فاستحسنه كثير من العلماء؛ فعله موسى بن نصير بإفريقية حين رجع من الأندلس، فاستحسنه الجذامي وغيره من علماء المدينة؛ وإلى هذا ذهب ابن حبيب، قال: استحب للإمام أن يأمر الناس قبل بروزه بهم إلى المصلى، أن يصبحوا صياما يومهم ذلك؛ ولو أمرهم أن يصوموا ثلاثة أيام- آخرها اليوم الذي فيه يبرزون، كان أحب إلي، والمعلوم من مذهب مالك إنكار هذه الأمور المحدثات كلها، من ذلك أنه كره في سماع ابن القاسم القراءة في المسجد، والاجتماع يوم عرفة بعد العصر في المساجد للدعاء، والدعاء عند خاتمة القرآن، فيحتمل ما في هذه الرواية من قوله ما سمعت إنكارا على من عمله، أن يكون انتهى كلام مالك إلى قوله ما سمعت، أي: ما سمعت أن ذلك يفعل، ويكون إنكارا على من عمله من قول ابن القاسم. أخبر أن مالكا أراد بقوله ما سمعت- الإنكار على من عمله، فيكون ذلك مطابقا لمذهبه المعلوم، ويحتمل أن يكون الكلام كله من قول مالك، فيقتضي جواز ذلك عنده؛ إذ قد نفى أن يكون سمع الإنكار على من عمله، والأول من التأويلين أولى- والله تعالى أعلم، وبه التوفيق.

.مسألة صوم عاشوراء قبل قضاء رمضان:

ومن كتاب أوله المحرم يتخذ الخرقة لفرجه:
مسألة وسئل مالك: عن الرجل يكون عليه قضاء رمضان، أيصوم يوم عاشوراء قبل قضاء رمضان؟ قال: ما يعجبني ذلك، وعسى به أن يكون خفيفا؟ قيل له: أفيصومه في قضاء رمضان؟ قال: لا بأس به.
قال محمد بن رشد: قوله ما يعجبني، وعسى به أن يكون خفيفا، معناه: أني أكره ذلك كراهية خفيفة، وكراهيته له أن يصومه تطوعا، يقتضي أن المستحب عنده أن يصومه في قضاء ما عليه من رمضان؛ وقوله بعد ذلك: لا بأس أن يصومه في قضاء رمضان- مخالف لذلك، إذ لا يقال في الشيء المستحب فعله: لا بأس أن يفعل، وإنما يقال ذلك في المباح الذي فعله وتركه سواء؛ وفي سماع ابن وهب، قيل له: أفيصومه في قضاء رمضان؟ قال: لا. معناه: لا ينبغي له أن يفعل ويصومه تطوعا أحسن؛ فهذه ثلاثة أقوال: أحدها: أن الاختيار أن يصام لقضاء رمضان، والثاني: أن الاختيار أن يصام تطوعا ويؤخر قضاء رمضان، والثالث: أن الأمرين سواء، يفعل الفاعل أيهما شاء، وهذا الاختلاف إنما يتصور على القول بأن قضاء رمضان على التراخي، بدليل قول عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: إن كان ليكون علي الصيام من رمضان، فما أستطيع أن أصومه حتى يأتي شعبان، للشغل برسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذ لو كان القضاء على الفور، لما منعها من ذلك الشغل، والواجب على التراخي تعجيله أفضل، فلما كان إن صام يوم عاشوراء تطوعا، وأخر القضاء، أحرز فضل اليوم، وفاته تعجيل القضاء، وإن صامه للقضاء، أحرز تعجيل القضاء، وفاته فضل صوم النهار؛ وقع الاختلاف، فوجه القول بأن صومه تطوعا أحسن، هو أن فضيلة صومه قد وردت الآثار عن النبي- عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- بنصها، وقدرها، وفضيلة تعجيل القضاء إنما علمت بالنظر والقياس، فذلك فيها معدوم، وأيضا فقد روي أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى ركعتي الفجر بعد طلوع الشمس قبل صلاة الصبح، وقضى الصلاة على الفور، فكيف بقضاء الصيام الذي هو على التراخي، ووجه القول بأن صيامه للقضاء أحسن، هو أنه إن صامه تطوعا لم يأمن أن تخترمه المنية قبل القضاء، فلا يقبل منه التطوع على ظاهر ما جاء عن أبي بكر الصديق، من أنه لا يقبل من أحد نافلة، وعليه فريضة حتى يؤديها؛ ووجه القول في تخيير الفاعل فيما شاء من ذلك، هو أن الدلائل استوت عنده، واستواؤها دليل على التخيير، وهذا نحو قوله في الإبل إذا زادت على العشرين ومائة- واحدة، جعل الساعي مخيرا لما استوت عنده الأدلة في مقدار الزيادة المذكورة في الحديث، إن كان المراد بها ما كانت من قليل أو كثير أو زيادة بغير الفرض، ظاهر ما في كتاب الصيام من المدونة: أن قضاء رمضان على الفور؛ لأنه قال فيمن أفطر في رمضان في سفر أو مرض ثم قدم فأقام شهرا، أو صح شهرا ثم مات، وأوصى أن يطعم عنه؛ أن ذلك يكون في ثلثه مبدأ. وكذلك على مذهبه فيما لو مرض شعبان كله بعد أن صح شهرا، لوجب عليه الإطعام؛ فعلى هذا لا يجوز له أن يصوم يوم عاشوراء إذا كان عليه قضاء رمضان، فيأتي في المسألة أربعة أقوال.

.مسألة جعلت على نفسها يوما سمته من الجمعة ما عاشت ثم نذرت بعد ذلك صيام:

ومن كتاب أوله كتب عليه ذكر حق مسألة:
وسئل: عن امرأة جعلت على نفسها يوما سمته من الجمعة ما عاشت، ثم نذرت بعد ذلك صيام سنة لأمر شكرت فيه؛ أترى عليها قضاء ذلك اليوم الذي كانت نذرته قبل نذر السنة إذا هي قضت السنة؟ قال: لا أرى عليها قضاء ذلك اليوم.
قال محمد بن رشد: معناه: أن السنة التي نذرت سنة بعينها، فلا تقضي اليوم الذي صامته بالنذر الواجب عليها، ولا رمضان الذي صامته لفرضها، ومثل هذا في المدونة أنها لا تقضي رمضان، ولا يوم الفطر، ولا أيام الذبح، وقال فيها أيضا فيمن نذر صيام ذي الحجة، أن عليها أن تقضي أيام الذبح، فحكي عبد الحق عن بعض شيوخه، أن هذا الخلاف لا يدخل في شهر رمضان؛ لأنه قد صامه؛ وحكي عن غيره أنه يدخل في ذلك، وأن ذلك موجود لمالك في كتاب أبي بكر الأبهري، فعلى هذا يدخل الخلاف أيضا في هذه المسألة، ويكون عليها قضاء اليوم الذي صامته لنذرها، إذ لا فرق بين ما صامته لنذرها، وبين ما صامته لفرضها، وأما لو كانت السنة التي نذرت لأمر شكرت فيه سنة بغير عينها، لكان عليها أن تصوم سنة كاملة، سواء أيام نذرها، وأيام صومها لفرضها- قولا واحدا، وبالله تعالى التوفيق.

.مسألة دعوة الوليمة حكم إجابتها:

من سماع أشهب، وابن نافع، عن مالك، رواية سحنون من كتاب الطلاق الثاني:
قال أشهب: وسمعته يسأل: عن الرجل يصنع لأهل المسجد يوم الفطر من رمضان طعاما، فيدعوهم إليه، أترى عليهم إجابته بمنزلة طعام الوليمة؟ قال مالك: ما أرى ذلك، وإني لأكره مثل هذا لأهل المسجد أن يجيبوا إلى من دعاهم هكذا، وهم يزرون عليه ويغمصون، وما أرى ذلك لهم، وإني لأكرهه وما يعجبني ذلك لهم.
قال محمد بن رشد: وهذا كما قال؛ لأن الدعوات إلى الأطعمة على قصد ما عليها بها، فمنها ما لا ينبغي أن يجاب إليها، كهذه وشبهها مما يقصد بها قصدا مذموما من تطاول، وامتنان، وابتغاء محمدة، وشكر، وما أشبه ذلك؛ ومنها ما يجب على المدعو إليها إجابة الداعي إليها، ولا يجوز التخلف عنها إلا لعذر، وهي دعوة الوليمة التي أمر رسول الله، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بها، وحض عليها، وأوجب إجابة الداعي إليها، ومنها ما يجوز إجابة الداعي إليها ولا حرج في التخلف عنها، وهو ما سوى دعوة الوليمة من الدعوات التي تصنع على جري العاديات، دون مقصد مذموم؛ كدعوة العقيقة، والنقيعة، والوكيرة، والخرس، والإعذار، وما أشبه ذلك. ومنها ما يستحب الإجابة إليها، وهي المأدبة التي يفعلها الرجل للخاص من إخوانه وجيرانه، على حسن العشرة، وإرادة التودد والألفة؛ ومنها ما تحرم الإجابة إليها، وهو ما يفعل الرجل لمن يحرم عليه قبول هديته، كأحد الخصمين، والقاضي، وشبه ذلك.

.مسألة رأى الناس الهلال في نصف النهار:

من سماع عيسى بن دينار من ابن القاسم من كتاب العرية:
قال عيسى بن دينار: سألت ابن القاسم: عن قوم صاموا شهر رمضان صاموا ثلاثين يوما، فلما كان في تسعة وعشرين كان غيم، فلما أصبحوا تمام ثلاثين، رأى الناس الهلال في نصف النهار، أو عند الزوال، هل ترى على من أفطر تلك الساعة شيئا؟ وكان صيامهم قبل ذلك في غيم أيضا؟
قال ابن القاسم: لا يجوز لأحد أن يفطر حتى الليل، فإنما الهلال لليلة القابلة، فمن أفطر فإنما عليه القضاء؛ لأنه إنما أفطر على تأويل.
قال محمد بن رشد: هذا مذهب مالك وجميع أصحابه، أن الهلال إذا رئي قبل الزوال أو بعده، أنه لليلة القادمة، إلا ابن وهب فذكر عنه ابن مزين في تفسيره للموطأ، أنه إذا رئي قبل الزوال، فهو لليلة الماضية، وإن رئي بعد الزوال فهو لليلة القادمة، وأخذ بذلك عيسى بن دينار، وإليه ذهب ابن حبيب، وحكاه- مفسرا عن عمر بن الخطاب؛ وقال ابن الجهم: إن ذلك لا يصح عن عمر، والذي رواه عنه رجل مجهول، وليس في رواية مالك عنه للزوال ذكر، ولا فرق بين ذلك؛ وهو قول ابن مسعود، وابن عمر، وعثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، وغيرهم من الصحابة، والتابعين، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ.

.مسألة مرض فقال لله علي إن شفاني أن أصوم خمسة أيام فلم يصمها:

وسئل: عن رجل مرض في سفر، فقال: لله علي إن شفاني من مرضي أن أصوم في أهلي خمسة أيام، فقدم أهله فلم يصمها، نسي أو غفل، فذكر وهو في سفر. قال: يصومها وهي مجزئة عنه، وليس في صيامها في أهله قربة إلى الله، فليصمها حيث شاء.
قال محمد بن رشد: هذا كما قال، وهو مما لا اختلاف فيه؛ لقول رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصيه». وقد مضى مثله في أول رسم من سماع ابن القاسم، وبالله التوفيق.

.مسألة قال لله علي صيام هذه السنة وهو في سنة ست وثمانين وقد مضى نصفها:

ومن كتاب أوله: بع ولا نقصان عليك:
قال ابن القاسم: من قال لله علي صيام هذه السنة- وهو في سنة ست وثمانين، وقد مضى نصفها؛ قال: عليه صيام اثني عشر شهرا.
قال محمد بن رشد: إلا أن يكون أراد ما بقي من السنة فتكون له نيته؛ قال ذلك مالك في سماع أشهب من كتاب الأيمان بالطلاق، فإن لم تكن له نية، فقوله محمول على اثني عشر شهرا يستقبلهن من يوم حلف بعد اليوم الذي هو فيه على مذهب ابن القاسم، ولا يقضيه ولا يعده على مذهب أشهب؛ لأنه يقضيه فيصوم على مذهب ابن القاسم ما بقي من ذلك الشهر من الأيام، ثم أحد عشر شهرا على المشهور، ثم يكمل على الأيام التي صام من الشهر الأول تمام تسعة وعشرين يوما، ويكمل عليها على مذهب أشهب ثلاثين يوما؛ لأنه يقضي اليوم الذي حلف فيه على قوله فيمن نذر أن يصوم اليوم الذي يقدم فيه فلان فقدم نهارا، أنه يقضيه، وبالله التوفيق.

.مسألة الأسير يكون في أرض الحرب فلا يعرف الشهور، فيتحرى فيصوم رمضان:

ومن كتاب أوله لم يدرك من صلاة الإمام إلا الجلوس:
مسألة قال:
وسألته: عن الأسير يكون في أرض الحرب فلا يعرف الشهور، فيتحرى فيصوم رمضان ثم يخرج إلى أرض المسلمين- وقد صام على التحري سنين، قال: يعيد كل رمضان صامه، إذ لم يدر قبل رمضان صام أو بعده.
قال محمد بن رشد: إذا صام على التحري ثم خرج فلا يخلو أمره من أحد أربعة أحوال: إما أن يعلم أنه صامه قبله، وإما أن يعلم أنه صامه بعده، وإما أن يعلم أنه أصابه بتحريه، وإما أن يبقى على شكه، فأما إن علم أنه صامه قبله، فلا يجزئه باتفاق؛ وأما إن علم أنه صام بعده، فيجزئه باتفاق، وأما إن علم أنه أصابه بتحريه، فلا يجزئه على مذهب ابن القاسم، ويجزئه على مذهب أشهب، وسحنون. وأما إن بقي على شكه، فلا يجزئه على مذهب ابن القاسم، ويجزئه على مذهب ابن الماجشون، وسحنون، ولابن كنانة في المدنية: أنه يستحب أن يقضي، إذا علم أنه صام بعده.
قال ابن الماجشون: ولو انكشف له أنه صام ثلاثة أعوام- شعبان، شعبان، فليعد الشهر الأول، ثم كل شعبان قضاء عن كل رمضان. يريد بقوله: فليعد الشهر الأول، أن يلغي الشعبان الأول، فلا يجزئه، وليس يعني أن يعيد رمضان الأول؛ لأنه عنه وقع شعبان الثاني، والشعبان الثالث قضاء عن الرمضان الثاني، ويبقى عليه الرمضان الثالث فيقضيه. وقال فضل: قول ابن الماجشون خطأ، وعليه قضاء الرماضين الثلاثة. وقول فضل صحيح لا يجزئه ما صامه عن رمضان بعينه عن رمضان غيره، كما لا يجزئه ما صلى عن يوم بعينه عن يوم غيره. وقد قال ابن القاسم في المدونة فيمن صام رمضان قضاء عن غيره: إنه يجزئه، وعليه القضاء على إحدى الروايتين عنه فيها، فعلى هذه الرواية يأتي قول ابن الماجشون، وقول فضل على الرواية الأخرى، وعلى القول بأنه لا يجزئ عن واحد منهما، وهذا أصح القولين- والله أعلم.

.مسألة ينذر صيام الإثنين فيصبح يوم الإثنين وهو يظنه يوم الأحد:

ومن كتاب أوله سلف دينارا في ثوب:
وقال في الذي ينذر صيام الإثنين فيصبح يوم الإثنين- وهو يظنه يوم الأحد، فيدعو بالطعام، فيخبر أنه يوم الإثنين؛ أنه يتم صيامه ولا شيء عليه إذا كان قد بيت صيامه قبل ذلك، إذا أمر به ونواه- وإن كان قبل ذلك بأيام؛ قال: وإن أصبح يوم الثلاثاء صائما- وهو يظنه يوم الإثنين الذي نذر فهو مجزئ عنه.
قال محمد بن رشد: قال فيمن نذر صيام يوم بعينه من الجمعة: إن النية لصيامه تجزئه قبل ذلك بأيام، ومثله في رسم جاع بعد هذا، ولمالك في مختصر ابن عبد الحكم- وهو قول أشهب، فجعلوا النية مجزئة عن ذلك اليوم كلما تكرر، وقد روي عن ابن القاسم أن ذلك لا يجوز وهو الصواب الذي يأتي على مذهب مالك في المدونة؛ لأن ظاهر قوله فيها في المرأة تحيض في رمضان ثم تطهر، أن الصيام لا يجزئها إلا أن تجدد النية، ولا تجتزئ بالنية الأولى من أجل الفطر الذي يخلل الصيامين، وقال ابن القاسم فيها: إنها تجتزئ بالنية الأولى، ولم يختلف قول ابن القاسم في ذلك، كما اختلف في مسألة ناذر يوم بعينه يوم الجمعة؛ فيتحصل في المسألة ثلاثة أقوال: أحدها: أنه لابد من تجديد النية في المسألتين جميعا وهو مذهب مالك في المدونة، لكن النية الأولى إذا كانت لا تجزئ في مسألة الحائض، والأيام التي أفطرتها لا يصح لها صومها؛ كان أحرى أن تجزئ النية الأولى في مسألة ناذر يوم في الجمعة، لصحة صوم الأيام التي أفطرتها في اليومين. والثاني: أن النية الأولى تجزئ في المسألتين جميعا، وهي رواية عيسى هذه، وقول مالك في المختصر، وقول أشهب؛ لأن النية الأولى إذا كانت تجزئ في مسألة ناذر يوم من الجمعة، كان أحرى أن تجزئ في مسألة الحائض، للعلة التي قدمنا ذكرها؛ والثالث: أنها تجزئ في مسألة الحائض؛ لأن أيام الحيض لما كانت لا يصح صومها، أشبهت الليل، فصار صومها كالمتصل، ولا تجزئ في مسألة ناذر يوم الجمعة، لتحلل الفطر بين الصيامين، وهو أحد قولي ابن القاسم. والصحيح من هذه الأقوال: أنه لابد من تجديد النية في المسألتين، إذ لو أجزأت النية الأولى في الصيام الثاني ولم تراع ما بينهما من الفطر، لوجب ألا يحتاج في أول رمضان إلى نية، لتقدم النية في صيامه قبل دخوله، وهذا لا يقوله أحد غير ابن الماجشون، قد نحا إليه بقوله: إن أهل البلد إذا عمهم العلم برؤية الهلال، أو بالشهادة فيه عند القاضي، صح صيام من لم يعلم بذلك منهم متى أصبح، وأجزأه ما لم يأكل ولم يشرب، وكذلك لو تخلل صيام شهر رمضان فطر لمرض أو سفر، لم يحتج إلى تجديد النية عند صحته، أو قدومه من سفره، على قياس رواية عيسى هذه في ناذر يوم من الجمعة بعينه، وهو بعيد، والذي يوجبه النظر أنه لابد من تجديد النية في ذلك، وأن إيقاعها قبل غروب الشمس من ليلة الصوم لا يصح، لقول رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل». فيصح إيقاعها في جميع الليل إلى الفجر، وقد قيل: إن إيقاعها مع الفجر معا لا يصح، والأول أصح، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} [البقرة: 187]. وإذ قد مضى تحصيل القول في حكم النية في الصيام الذي يتخلله فطر- يريد بتخلله فطر نهاري. فالصيام الذي لا يتخلله فطر، ينقسم قسمين: أحدهما: ما يجب متابعته بنص أو نذر، والثاني: ما لا يجب متابعته، فأما ما تجب متابعته كشهر رمضان، وشهري الظهار والنذر المتتابع، وشبه ذلك، بنية واحدة عند أوله تجزئ في المشهور في المذهب، إذ لا يتخلل ذلك فطر في زمن يصح فيه صوم، فكان كاليوم الواحد. وقد حكى محمد بن عبد الحكيم عن مالك: وجوب التبييت في كل ليلة، وهو شذوذ. وأما ما كان من الصيام يجوز تفريقه كقضاء رمضان، وصيامه في السفر، وصيام كفارة اليمين، وفدية الأذى، فاختلف إذا نوى متابعة ذلك، هل تجزئه نية واحدة في أوله؟ أو يلزمه تجديد النية لكل يوم، لجواز الفطر على قولين، الأظهر منهما أن تجزئه نية واحدة في أوله، يكون حكمها باقيا، وإن زال عينها، ما لم يقطعها بنية الفطر عامدا. وأما ما لم ينو متابعته من ذلك، فلا اختلاف في أن عليه تجديد النية لكل يوم، وقد مضى التكلم على المسألة الثانية في أول سماع ابن القاسم، وسيأتي أيضا في رسم جاع.